ولما قسا قلبي وضاقت مذاهبي آخر ما قاله الإمام الشافعي

ولما قسا قلبي وضاقت مذاهبي: آخر ما قاله الإمام الشافعي

مقدمة

في عذا المقال تقدم لكم قصيدة ولما قسا قلبي وضاقت مذاهبي وهي آخر ما قاله الإمام الشافعي في حياته.

آخر ما قاله الإمام الشافعي قصيدة ولما قسا قلبي وضاقت مذاهبي

كان الإمام الشافعي رحمه الله في آخر أيامه يعاني من مرض أقعده وعانى منه الأمرين وكان من آخر ما قاله قبل أن توافيه المنية قصيدة رائعة “ولما قسا قلبي وضاقت مذاهبي” أنشدها وهو على فراش الموت.

قبل التطرق إلى هذه القصيدة إليكم لمحة عن حياته بعجالة.

من هو الأمام الشافعي؟

الإمام الشافعي: ولما قسا قلبي وضاقت مذاهبي
الإمام الشافعي: ولما قسا قلبي وضاقت مذاهبي

أبو عبد الله محمد بن إدريس الشافعيّ المطَّلِبيّ القرشيّ (150-204هـ / 767-820م) هو ثالث الأئمة الأربعة عند أهل السنة والجماعة، وصاحب المذهب الشافعي في الفقه الإسلامي، ومؤسس علم أصول الفقه، وهو أيضاً إمام في علم التفسير وعلم الحديث، وقد عمل قاضياً فعُرف بالعدل والذكاء. وإضافةً إلى العلوم الدينية، كان الشافعي فصيحاً شاعراً، ورامياً ماهراً، ورحّالاً مسافراً.

أكثرَ العلماءُ من الثناء عليه، حتى قال فيه الإمام أحمد: “كان الشافعي كالشمس للدنيا، وكالعافية للناس”.

وُلد الشافعيُّ بغزة عام 150 هـ، وانتقلت به أمُّه إلى مكة وعمره سنتان، فحفظ القرآن الكريم وهو ابن سبع سنين، وحفظ الموطأ وهو ابن عشر سنين، ثم أخذ يطلب العلم في مكة حتى أُذن له بالفتيا وهو فتىً دون عشرين سنة.

هاجر الشافعي إلى المدينة المنورة طلباً للعلم عند الإمام مالك بن أنس، ثم ارتحل إلى اليمن وعمل فيها، ثم ارتحل إلى بغداد سنة 184 هـ، فطلب العلم فيها عند القاضي محمد بن الحسن الشيباني، وأخذ يدرس المذهب الحنفي، وبذلك اجتمع له فقه الحجاز (المذهب المالكي) وفقه العراق (المذهب الحنفي).

عاد الشافعي إلى مكة وأقام فيها تسع سنوات تقريباً، وأخذ يُلقي دروسه في الحرم المكي، ثم سافر إلى بغداد للمرة الثانية، فقدِمها سنة 195 هـ، وقام بتأليف كتاب الرسالة الذي وضع به الأساسَ لعلم أصول الفقه، ثم سافر إلى مصر سنة 199 هـ. وفي مصر، أعاد الشافعي تصنيف كتاب الرسالة الذي كتبه للمرة الأولى في بغداد، كما أخذ ينشر مذهبه الجديد، ويجادل مخالفيه، ويعلِّم طلابَ العلم، حتى توفي في مصر سنة 204 هـ.

فيما يلي آخر قصيدة للإمام الشافعي رحمه الله قالها وهو على فراش الموت.

مما قاله الإمام الشافعي في آخر أيام حياته

كان الإمام الشافعي على فراش الموت يعاني من مرض لم ينفع معه علاج فدخل المزني عليه، فقال:

كيف أصبحت يا أبا عبدالله ؟

فرد الإمام الشافعي:

أصبحت من الدنيا راحلا، و للإخوان مفارقا، و لسوء عملي ملاقيا، ولكأس المنية شاربا، و على الله واردا، و لا أدري أروحي تصير إلى الجنة فأهنيها، أم إلى النار فأعزيها.

ثم أنشد قصيدته الأخيرة”ولما قسا قلبي وضاقت مذاهبي” قائلا:

إليك إلـهَ الخلـق أرفــع رغبتيوإن كنتُ يا ذا المن والجود مجرماً
ولما قسا قلبي وضاقت مذاهبيجعلت الرجـا مني لعفوك سُلَّمــاً
تعاظمنـي ذنبـي فلمـا قرنتــهبعفوك ربي كان عـفوك أعظمــا
فما زلتَ ذا عفوٍ عن الذنب لم تزلْتـجـود وتعـفو منةً وتكرُّمـــاً
فلولاك لـم يصمِـد لإبلـيسَ عابدٌفكيف وقد أغوى صفيَّك آدمـــاً
فياليت شعــري هل أصير لجنَّةٍأهنـــا وأمـا للسعير فأندمــا
فلله دَرُّ العـــارفِ الـنـدبِ إنهتفيض لفرط الوجد أجفانُه دمـــاً
يقيـم إذا مـا الليلُ مدَّ ظلامَــهعلى نفسه من شدة الخوف مأتمـاً
فصيحاً إذا ما كـان في ذكـر ربهوفيما سِواه في الورى كان أعجمـاً
ويذكر أيامـاً مضـت من شبابـهوما كان فيها بالجهـالة أجرمـــا
فصار قرينَ الهم طولَ نهـــارهأخا السُّهْد والنجوى إذا الليلُ أظلمـا
يقول: حبيبي أنـت سؤلي وبغيتيكفى بك للراجـيـن سؤلاً ومغنمـاً
ألـستَ الذي غذيتني وهــديتنيولا زلت منَّـانـاً عليّ ومُنعـمــاً
عسى من لـه الإحسانُ يغفر زلتيويستر أوزاري ومـا قـد تقدمــا
تعاظمني ذنبـي فأقبلت خاشعــاًولولا الرضـا ما كنتَ يارب منعمـاً
فإن تعفُ عني تعفُ عـن متمردظلوم غشــوم لا يـزايـل مأتمـاً
فإن تنتـقـم مني فلست بآيـسٍولو أدخلوا نفسي بجــرمٍ جهنمـاً
فجرمي عظيمٌ من قديم وحــادثوعفوُك يأتي العبدَ أعلى وأجسمــا
حوالَيَّ فضلُ الله من كل جانـبونورٌ من الرحمن يفترش السمــا
وفي القلب إشراقُ المحب بوصلهإذا قارب البـشرى وجاز إلى الحمى
حوالَيَّ إينــاسٌ من الله وحـدهيطالعني في ظلـمـة القبر أنجُمــاً
أصون ودادي أن يدنِّسَـه الهوىوأحفظ عـهدَ الـحب أن يتثلَّمــا
ففي يقظتي شوقٌ وفي غفوتي مُنىتلاحـق خـطوي نـشوةً وترنُّمـاً
ومن يعتصم بالله يسلمْ من الورىومن يرجُهُ هـيهات أن يتندمـــا
آخر ما قاله الإمام الشافعي – ولما قسا قلبي

ومات الشافعي، في آخر ليلة من رجب سنة 204 هـ، وقد بلغ من العمر أربعة وخمسين عاماً. رحم الله الامام أبو عبد الله محمد بن ادريس الشافعي واسكنه فسيح جنانه.

خاتمة

بهذا نكون قد وصلنا إلى نهاية هذا الموضوع، حيث استعرضنا قصيدة “ولما قسا قلبي وضاقت مذاهبي” التي قالها الإمام الشافعي في آخر أيام حياته. هذه القصيدة تعبر عن حالته الروحية وتضمنت التضرع والتوكل على الله في مواجهة الصعاب والتحديات.

فإننا نود أن نذكر بأن الإمام الشافعي كان إمامًا عظيمًا في التفسير والحديث والفقه، ومساهماته العلمية قد أثرت بشكل كبير في الفقه الإسلامي وأصوله. كان يحظى بتقدير كبير من قبل علماء عصره ولا يزال اسمه مشهورًا حتى اليوم.

ندعو الله أن يتغمد الإمام الشافعي برحمته ويجعل مثواه الجنة، وأن يكون قدوة لنا في الاستقامة والتفاني في طلب العلم والتوكل على الله في جميع أمورنا.

في الختام، نحن نؤمن بأن الدعاء والتضرع إلى الله هو سلاحنا الأقوى في حياتنا، وأن الرضا بقضاء الله والتوكل عليه يجلب لنا السلام والطمأنينة في الدنيا والآخرة. لذا فلنستمر في الدعاء والاستغفار، ونبذل جهودنا في سبيل طلب العلم والتقرب إلى الله، فهو الذي يهدينا ويسدد خطانا ويشفي قلوبنا وينير دروبنا.