عصر الأنوار
عصر الأنوار أو عصر التنوير بدأت أولى معالمه في إنجلترا ولكن التطور الحقيقي كان في فرنسا. و يحيل هذا العصر إلى حركة سياسية، إجتماعية، ثقافية وفلسفية واسعة، تطورت بشكل ملحوظ في القرن الثامن عشر في أوروبا.
وقد تحول مفهوم التنوير ليشمل بشكل عام أي شكل من أشكال الفكر الذي يريد تنوير العقول من الظلام والجهل والخرافة، مستفيدا من نقد العقل ومساهمة للعلوم.

إيمانويل كانط
أجاب إيمانويل كانط عن سؤال ما هو التنوير؟ بقوله:
” إنه خروج الإنسان عن مرحلة القصور العقلي وبلوغه سن النضج أو سن الرشد.”
كما عرَّف القصور العقلي على أنه
“التبعية للآخرين وعدم القدرة على التفكير الشخصي أو السلوك في الحياة أو اتخاذ أي قرار بدون استشارة الشخص الوصي علينا.”
ومن هذا المنظور جاءت صرخته التنويرية لتقول:
“اعملوا عقولكم أيها البشر! لتكن لكم الجرأة على استخدام عقولكم! فلا تتواكلوا بعد اليوم ولا تستسلموا للكسل والمقدور والمكتوب. تحركوا وانشطوا وانخرطوا في الحياة بشكل إيجابي متبصر. فالله زودكم بعقول وينبغي أن تستخدموها. لكن كان هناك من فهم التنوير نقيضاً للإيمان أو للاعتقاد الديني، وإنما شدد على أن “حدود العقل تبتدئ حدود الإيمان”.
كما حذر من الطاعة العمياء للقادة أو لرجال الدين كما حصل في دولة بروسيا لاحقاً.
إعمال العقل
يجب أن تكون مهمة التنويرين المثقفين، الذين يطلقون على أنفسهم فلاسفة ، التشجيع على إعمال العقل. هذة مسcولية المفكر أمام المجتمع الذي يعيش فيه: مهمة تربوية للتحرر من الميتافيزيقيا، والظلامية الدينية، من الطغيان. هذا البرنامج التعليمي حسب جون-جاك روسو سوف يعني إعادة الإنسان إلى حالته الأولية الطبيعية حتى تنتصر العقلانية على الظلامية.
عصر الأنوار والثورات
كان عصر الأنوار وما أنتجه من أفكار وضعية وعقلانية ملهماً لعدد من الثورات الاجتماعية والسياسية شهدتها أوروبا في القرنين الثامن عشر والتاسع عشر أسفرت عن قيام الدولة الحديثة. وقد ارتكز قيام هذه الدولة على وجود بيروقراطية، وقيام جيش كمؤسسة قوية ومتمتعة باستقلال نسبي، وسيادة جو من العقلنة في التنظيم. وقد سادت في هذه الدولة أنظمة سياسية بديلة من أنظمة القرون الوسطى، بحيث قامت هذه الأنظمة بانتزاع الصفة الإلهية عن سلطة الملوك فاصلة الدين عن الدولة.
شكلت هذه الحركة أساسا وإطارا للثورة الفرنسية ومن ثم للثورة الأمريكية وحركات التحرر في أمريكا اللاتينية واتفاقية 3 مايو في كومونولث بولوني-ليثواني. كما مهدت هذه الحركة بالتالي لنشوء الرأسمالية ومن ثم ظهور الاشتراكية. بالمقابل تقارن هذه الفترة بالباروكية المتأخرة والعهود الكلاسيكية في الموسيقى, والعهد الكلاسيكي الجديد في الفنون كما شهدت بروز حركة توحيد العلوم التي تضمنت الإيجابية المنطقية.
تأثير عصر الانوار على التفكير الإنجليزي والفرنسي
في إنجلترا
ظهرت أفكار سياسية تحث على الحقوق الطبيعية للأفراد. كما اهتم جون لوك بالسلطة التشريعية حيث أعطاها أهمية مميزة باعتبارها سلطة عليا اختارها الشعب، وهي سلطة مقدمة وثابتة يجب فصلها عن السلطة التنفيذية، وذلك من أجل تكوين دولة منظمة.
أما “دافيد هيوم” فقد ركز على علم الإنسان في مقابل علم اللاهوت، واعتقاده بأن هذا العلم الإنساني سيجعل الإنسان حرا من الوجهة العملية، كما اعتبر الشك يؤدي إلى تغير جدري في الأخلاق والدين.
في فرنسا
دعوة فولتير للاستبداد المستنير بحيث تدعو نظريته إلى احتكار السلطة من طرف حاكم يؤمن بأفكار فلسفية، وتهدف هذه النظرية إلى أن يكون الحكم لصالح الشعب دون أن يشترك هذا الأخير في حكم نفسه، كما اهتم فولتير بالطبقة البورجوازية كقاطرة للتقدم.
أما مونتسكيو فقد دعى إلى أهمية فصل السلط: السلطة التشريعية والسلطة التنفيذية و السلطة القضائية..
أما جون جاك روسو فقد طور نظرية العقد الاجتماعي. ويعتقد هذا الأخير أنَّ الحالة الأصلية للإنسان كانت مسالمة وديعة، تسودها قيم أخلاقية، ويرى أيضاً أنَّ الحاجة لنشوء المجتمع جاءت من التطور التقني والاقتصادي. فبعد تأكيده على وجود حالة فطرية عاشها الأفراد قبل حياة الجماعة، قال أن المجتمع يقوم على أساس العقد الاجتماعي الذي يجب أن يكون ملزمامن الطرفين ـ الأفراد والحاكم ـ وأن الأفراد لم يتنازلوا عن كل حقوقهم في حياة الفطرة، بل إن التنازل الحاصل كان جزئياً بالقدر المهم أو الضروري.
شكرًا جزيلا على المقال
كيف